الغاية من وجودنا
يحتار كثير من المفكرين والبسطاء على حد سواء في إجابة السؤال الأهم في حياتنا: لماذا نحن موجودون ؟ ما الهدف من حياتنا ؟
وقد حدد القرآن الغاية والهدف من وجود الإنسان في هذه الحياة بكل وضوح ودقة في قول الله تعالى:
{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاريات: 56)
فالعبادة هي الغاية من وجودنا في هذه الأرض وما سواها وسائل وتوابع ومكملات.
ولكن العبادة في المفهوم الإسلامي ليس رهبنة وانقطاعاً عن الحياة وملذاتها ومتعها، بل هي تشمل مع الصلاة والصوم والزكاة كلَّ أفعال الإنسان وأعماله وأقواله واختراعاته وعلاقاته، بل وحتى لعبه واستمتاعه، متى ما صاحب ذلك النية الصالحة والقصد الحسن، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: “في بضع أحدكم صدقة “ يعني بذلك أن الأجر والثواب ينال المسلم حتى باستمتاعه مع زوجته .
فأصل العبادة: محبة الله، بل إفراده بالمحبة، وأن يكون الحب كله لله، فلا يحب معه سواه، وإنما يحب لأجله وفيه، كما يحب أنبياءه ورسله وملائكته وأولياءه، فمحبتنا لهم من تمام محبته. وإذا كانت المحبة له هي حقيقة عبوديته وسرها، فهي إنما تتحقق باتباع أمره، ولهذا جعل تعالى اتباع رسوله عملا لمحبته فقال تعالى {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} [آل عمران: 31] فجعل اتباع رسوله مشروطا بمحبتهم لله، وشرطا لمحبة الله لهم .
ومن قوله {إياك نعبد} [الفاتحة: 5] يتضح ان ما يعبد به الرب تعالى لا يكون إلا على ما يحبه ويرضاه من جميع الاقوال والافعال ، وعبادته وهي شكره وحبه وخشيته فطري ومعقول للعقول السليمة، لكن طريق التعبد وما يعبد به لا سبيل إلى معرفته إلا برسله وبيانهم.
فلذلك خلق الله الخلق لعبادته الجامعة لمعرفته والإنابة إليه، ومحبته والإخلاص له، فبذكره تطمئن قلوبهم، وبرؤيته في الآخرة تقر عيونهم، ولا شيء يعطيهم في الآخرة أحب إليهم من النظر إليه، ولا شيء يعطيهم في الدنيا أعظم من الإيمان به. وبذلك تصير العبادة مع كونها هدف الحياة: حقيقة الحياة، فالمسلم يتقلب بين أنواع من العبادات، كما قال الله تعالى:{قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (الأنعام: 162).
جمع وترتيب :أ. آية إبراهيم