شروط الصلاة واركانها(الباب الرابع)
المسألة الأولى: في عدد الصلوات المكتوبة:
عدد الصلوات المكتوبة خمس، وهي: الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء. وهي مجمع عليها، وقد دلّ على ذلك حديث طلحة بن عبيد الله أن أعرابياً قال: يا رسول الله ماذا فرض الله عليَّ من الصلاة؟ قال: (خمس صلوات في اليوم والليلة .. الحديث) (رواه مسلم)،
وحديث أنس – رضي الله عنه – في قصة الرجل من أهل البادية، وقوله للنبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: وزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا. قال – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (صدق) ... الحديث رواه مسلم.”
“المسألة الثانية: على من تجب؟
تجب على المسلم البالغ العاقل، غيرَ الحائض والنفساء، ويؤمر بها الصبي إذا بلغ سبع سنين، ويُضرب عليها لعشر؛ لحديث: (رفع القلم عن ثلاثة)، فذكر منها: (وعن الصَّبيِّ حتى يحتلم)، ولقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفَرِّقوا بينهم في المضاجع) (رواه أحمد وأبو داوودوالترمذي).
المسألة الثالثة: في شروطها (وهي التي يتوقف عليها صحة الصلاة):
وشروطها تسعة:
1 – الإسلام: فلا تصح من كافر؛ لبطلان عمله.
2 – العقل: فلا تصح من مجنون؛ لعدم تكليفه.”
٣- البلوغ: فلا تجب على الصبي حتى يبلغ، ولكن يؤمر بها لسبع، ويُضرب عليها لعشر؛ لحديث: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع … ) الحديث.
4 – الطهارة من الحَدَثين (الأكبر والأصغر) مع القدرة: لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – في حديث ابن عمر: (لا يقبل الله صلاة بغير طهور) (رواه مسلم).
5 – دخول الوقت:
لقوله تعالى: (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا) [النساء: 103]،
ولحديث جبريل حين أمّ النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – بالصلوات الخمس، ثم قال: (ما بين هذين الوقتين وقت) (رواه أحمد والنسائي والترمذي).
فلا تصح الصلاة قبل دخول وقتها، ولا بعد خروجه، إلا لعذر.
6 – ستر العورة مع القدرة بشيء لا يصف البشرة: لقوله تعالى: (يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) [الأعراف: 31]. وقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار) (رواه ابو داود والترمذي وابن ماجه).
وعورة الرجل البالغ ما بين السرة والركبة لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لجابر – رضي الله عنه -: (إذا صليت في ثوب واحد، فإن كان واسعاً فالتحف به، وإن كان ضيقاً فاتزر به) (أخرجه البخاري ومسلم)
. والأولى والأفضل أن يجعل على عاتقه شيئاً من الثياب؛ لأن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – نهى الرجل أن يصلي في الثوب ليس على عاتقه منه شيء. والمرأة كلها عورة إلا وجهها وكفيها، إلا إذا صلَّت أمام الأجانب -أي غير المحارم- فإنها تغطي كل شيء؛ لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (المرأة عورة) (رواه الترمذي وصححه الألباني)، وقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار).
7 – اجتناب النجاسة في بدنه وثوبه وبقعته -أي مكان صلاته- مع القدرة لقوله تعالى: (وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ) [المدثر: 4].
وقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (تَنَزَّهوا عن البول؛ فإن عامة عذاب القبر منه) (رواه الدار قطني وصححه الألباني)،
ولقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لأسماء في دم الحيض يصيب الثوب: (تحتُّه، ثم تقرصه بالماء، ثم تنضحه، ثم تصلي فيه) (رواه البخاري ومسلم)،
لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لأصحابه وقد بال الأعرابي في المسجد: (أريقوا على بوله سجلاً من ماء) (رواه البخاري).
8 – استقبال القبلة مع القدرة: لقوله تعالى: (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) [البقرة: 144]، ولحديث: (إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة) (رواه البخاري ومسلم).
9 – النية: ولا تسقط بحال؛ لحديث عمر: (إنما الأعمال بالنيات). ومحلها القلب، وحقيقتها العزم على الشيء. ولا يشرع التلفظ بها؛ لأن النبي “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لم يتلفظ بها، ولم يَرِدْ أن أحداً من أصحابه فعل ذلك.
المسألة الرابعة: في أركانها:
والأركان هي ما تتكون منها العبادات، ولا تصح العبادة إلا بها. والفرق بينها وبين الشروط: أن الشرط منفصل عن ماهية العبادة أما الأركان: فهي التي تشتمل عليها العبادة من أقوال وأفعال فهى جزء من ماهية العبادة.
وأركان الصلاة أربعة عشر ركناً، لا تسقط عمداً، ولا سهواً، ولا جهلاً. وبيانها كما يلي:
1 – القيام: في الفرض على القادر منتصباً؛
لقوله تعالى: (وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) [البقرة: 238]،
ولقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – لعمران بن حصين: (صَل قائماً، فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب) (رواه البخاري)،
فإن ترك القيام في الفريضة لعذر كمرض وخوف وغير ذلك، فإنه يُعذر بذلك، ويصلي حسب حاله قاعداً أو على جنب.
أما صلاة النافلة: فإن القيام فيها سنة وليس ركناً، لكن صلاة القائم فيها أفضل من صلاة القاعد؛ لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (صلاة القاعد على النصف من صلاة القائم) (أخرجه النسائي وصححه الألباني).
2 – تكبيرة الإحرام في أولها:
وهي قول (الله أكبر) ولا يُجْزئه غيرها؛ لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – للمسيء الصلاة: (إذا قمت إلى الصلاة فكبر) (رواه البخاري)،
وقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (تحريمها التكبير وتحليلها التسليم) (رواه أبو داوود)،
فلا تنعقد الصلاة بدون التكبير.
3 – قراءة الفاتحة في كل ركعة: لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) (رواه البخاري ومسلم).
ويستثنى من ذلك المسبوق: إذا أدرك الإمام راكعاً، أو أدرك من قيامه ما لم يتمكن معه من قراءة الفاتحة، وكذا المأموم في الجهرية، يُستثنى من قراءتها، لكن لو قرأها في سكتات الإمام فإن ذلك أولى؛ أخذاً بالأحوط.
4 – الركوع في كل ركعة: لقوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا) [الحج: 77]. ولقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – للمسيء الصلاة: (ثم اركع حتى تطمئن راكعاً) رواه البخاري ومسلم
5، 6 – الرفع من الركوع والاعتدال منه قائماً: لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – في حديث المسيء: (واركع حتى تطمئن راكعاً ثم ارفع حتى تعتدل قائماً).
7 – السجود: لقوله تعالى: (وَاسْجُدُوا) [الحج: 77]، ولقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – في حديث المسيء: (ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً).
ويكون السجود في كل ركعة مرتين على الأعضاء السبعة المذكورة في حديث ابن عباس. وفيه: (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم: الجبهة -وأشار بيده إلى “أنفه- واليدين، والركبتين، وأطراف القدمين) رواه البخاري ومسلم
8، 9 – الرفع من السجود والجلوس بين السجدتين: لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – للمسيء: (ثم ارفع حتى تطمئن جالساً).
10 – الطمأنينة في جميع الأركان: وهي السكون، وتكون بقدر القول الواجب في كل ركن؛ لأمره – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – المسيء بها في صلاته في جميع الأركان، ولأمره له بإعادة الصلاة لتركه الطمأنينة فيها.
11 – التشهد الأخير: لقول ابن مسعود – رضي الله عنه -: (كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: السلام على الله من عباده). فقال النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (لا تقولوا السلام على الله، ولكن قولوا: التحيات لله) (أخرجه النسائي وصححه الألباني). فدل قوله – رضي الله عنه -: “قبل أن يفرض” على أنه فرض.
12 – الجلوس للتشهد الأخير: لأنه – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فعله، وداوم عليه، وقال: (صلوا كما رأيتموني أصلي) (رواه البخاري).
13 – التسليم: لقوله – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: (وتحليلها التسليم) (رواه أبو داوود والترمذي)، فيقول عن يمينه: السلام عليكم ورحمة الله، وعن يساره: السلام عليكم ورحمة الله.
14 – ترتيب الأركان على ما تقدَّم بيانه: لأن النبي – صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – فعلها مرتبة، وقال: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، وعَلَّمَهَا المسيء في صلاته بقوله: (ثم) التي تدل على الترتيب.
وصل اللهم على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
المصدر : الفقه الميسر من الكتاب والسنة
جمع وترتيب ا.منيرة صالح